جملة من مناقبه وفضائله العظيمة:
لقد كان سيدنا الحسين رضوان الله عليه إمامًا عظيمًا وسيدًا سندًا جليلاً، سيفًا من سيوف الحق وجبلاً يمشي على قدمين كريم الأصل شريف النسب ذا مرتبة عالية ورفعة بالغة، تعلم وسمع من جده الرسول عليه الصلاة والسلام فحدث عنه وعن أبويه وصهره الفاروق عمر وطائفة أخرى، وحدث عنه والداه علي وفاطمة وابن أخيه زيد بن الحسن وبنته سكينة والشعبي والفرزدق الشاعر وغيرهم، وكان عالمًا مبجلاً وسيدًا معظمًا محترمًا يجله الناس وكبراء أصحاب النبي كأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من طليعة القوم، ويعرفون ما للحسين من قدر ومقام؛ فقد وردت في شأنه الفضائل وتعددت فيه المكارم فكان صفوة من الرجال وخيرة من القوم عابدًا زاهدًا خاشعًا كثير العبادة، فاضلاً يكثر من الصلاة والصيام والحج حتى قيل إنه حج خمسًا وعشرين حجة ماشيًا، وكان كريمًا كثير الصدقات يرحم المسكين ويعين الضعيف، شملته دعوة جده الرسول الأكرم لما جلله هو والحسن وفاطمة بكساء ثم قال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا".
إن رجلاً أحبه الرسول عليه الصلاة والسلام جدير أن يكون بهذه الصفات وبهذه المكارم العالية، كيف لا وهو الحِب أخو الحِبّ كما دلت على ذلك الأخبار وشهدت بذلك النقول الصريحة والآثار؛ ففي جامع الإمام الترمذي أن النبي دعا للحسن والحسين فقال: «اللهم إني أحبهما فأحِبهما«.
وفي المسند عند أحمد والطبراني وغيرهما عن أبي سعيد مرفوعًا: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنــة", وعن ابــن عمر رضي الله عنهم قال: قال رسول الله : "هما ريحانتاي من الدنيا" رواه البخاري, وفي السنن عند الترمذي: "الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا".
إن رجلاً هذه منزلته عند رسول الله حري به أن يكون عظيم الصلاح فيحبه الناس ويجلوه، حتى إن سيدنا عمر رضي الله عنه كان جعل للحسين مثل عطاء الإمام علي خمسة ءالاف وكان يكرمه ويوقره؛ فقد ذكر الذهبي في السير عن حماد عن معمر عن الزهري أن عمر كسا أبناء الصحابة ولم يكن في ذلك ما يصلح للحسن والحسين، فبعث إلى اليمن فأتي بكسوة لهما فقال: الآن طابت نفسي، وفي أثر ءاخر عن أبي المهزم قال: كنا في جنازة فأقبل أبو هريرة ينفض بثوبه التراب عن قدم الحسين ومعلوم أن سيدنا أبا هريرة رضي الله عنه كان يجل الحسنين ويحترمها ويحبهما حبًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حدث مرة فقال: كان الحسين عند النبي وكان يحبه حبًا شديدًا فقال: "اذهب إلى أمك" فقلت: أذهب معه؟ فقال: "لا" فجاءت برقة فمشى في ضوئها حتى بلغ إلى أمه. رواه الطبراني.
وفي حديث عند الحاكم أن رسول الله قال: "من أحبني فليحب حسينًا".